“الشِّلَلية” في العمل الإعلامي

الکاتب :أ.د. محمد البشر

“الشللية” في العمل الإعلامي تعني: استقطاب المؤسسات الإعلامية للعاملين فيها أو اختيارهم بناء على معايير المصلحة الشخصية أو الأيديولوجية التي تتعارض مع المصالح العليا للوطن. هذه الشللية هي من أخطر وأعظم مهددات الاستقرار المجتمعي. ولئن كانت الأحزاب في النظم التي تتظاهر بالديمقراطية مصدراً للفرقة والتنازع فإن الشللية الإعلامية هي أيضاً سبب للتطاحن والاحتراب المهدد للأمن والاستقرار المجتمعي.

وإذا كانت أهم مؤهلات الإعلامي في هذا النوع من المؤسسات الإعلامية هي التناغم مع توجهات (الشلة الإعلامية) على حساب المؤهلات المتخصصة، والرسالة القيمية، والمهارة المهنية فإن خطر هذه الشللية لن يقل عن خطر الحزبية، التي تجعل الانتماء إلى الحزب فوق الانتماء إلى الدين والوطن.

الشللية الفكرية، والاستقطاب المؤدلج للإعلاميين على حساب المصالح العليا للوطن هو واحد من أهم مهددات الاستقرار المجتمعي. لماذا نؤكد على هذا المعنى مرة أخرى؟ لأننا نجد اليوم -أكثر من أي وقت مضى- أن المسؤول عن المؤسسة الإعلامية أو النافذين فيها يقربون من الكوادر العاملة (المهنية والإدارية) ما يجدون أنه يخدم توجهاتهم الأيديولوجية، ويحقق أهداف مشروعاتهم الفكرية التي تتعارض مع ثقافة المجتمع، أو تحاربها. وإذا تولى مثل هؤلاء الوظيفة الإعلامية، وبدؤوا ممارسة مهنتهم قدموا من القرابين لأولئك المسؤولين والنافذين، ما يضمن بقاءهم في تلك المؤسسة، حتى لو كان ذلك على حساب تماسك النسيج الاجتماعي، ووحدة الوطن واجتماع الكلمة. ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: مصادرة الرأي الذي يمثل توجه المجتمع، أو فرض الرأي المخالف، أو الانتصار للنفس بشيطنة المخلصين لدينهم ووطنهم، أو تقزيمهم، واتهاماتهم بالانتماء لجماعات أو أحزاب خارجية، أو استعداء السُّلطة عليهم، أو تخوينهم، أو تتبع عثراتهم وتضخيمها، أو اجتزاء النصوص والكلمات من سياقها لتخدم غاياتهم، أو دبلجة مقاطع مبتورة من سياقها لتخدم هدفاً معيناً يراه ذلك الإعلامي محققاً لرضا المسؤولين عن المؤسسة الإعلامية والنافذين فيها، أو غير ذلك من الأساليب الإعلامية التي يعلمها كل ممارس للمهنة، أو متابع مهتم بها.

العمل الإعلامي اليوم هو سلاح نافذ من أسلحة العصر، من ليس مؤهلاً لحمله فسيصيب به قومه، والشللية الإعلامية التي نراها اليوم في بعض المؤسسات الإعلامية هي الخلية التي يتدرب فيها الإعلاميون على حمل السلاح، فيصيبون به الدين والوطن والأمة!!
نقلاً عن التواصل
المقالات و الآراء المنشورة على موقع قناة كلمة الفضائية تنشر لإعلام القراء عن آراء الآخرين ولاتعبر بالضرورة عن رأي أصحاب الموقع

شاهد أيضاً

الدعوة

ندعوكم في المشاركة في الدعوة التوحيدية عبر مساهمتكم المالية

قناة كلمة، قناة اهل السنة في ايران منذ عشرين عاما و نحن نقف على هذا …