روحاني؛ لمن يستجيب؟

نصيب الحرس الثوري من الموازنة للعام القادم سيزيد سبعة الاف ميليار تومان عن نصيبهم في العام الجاري. جائت هذه الزيادة على رغم اقتراح حكومة روحاني سابقا بخصوص التعديلات في الموازنة وذلك بإلغاء الإختصاص المقرر وهو دفع ١.٧ ميليار دلار من الدخل القومي محل النزاع الدولي( الأرصدة المتجمدة الايرانية في الدول الأجنبية) للمؤسسات العسكرية. حسينعلي اميري المساعد البرلماني لرئيس الحكومة أعلن عن سبب إلغاء هذا الإختصاص من الموازنة هو “محدودية الدخل القومي للحكومة”، لكن هذا التقليل الذي قدر بخمسة الاف ميليار تومان من الميزانية المخصصة للمؤسسات العسكرية واجه ردة فعل شديدة من قبل قيادات تلك المؤسسات. مهما حصل فإن الميزانية المخصصة للمؤسسات العسكرية قد زادت اكثر من ثمانين بالمائة في ظل الحكومة الحادية عشر أي حكومة روحاني.
و معلوم بأن حسن روحاني يريد أن يقلل من الحدية الحاصلة بين حكومته و الحرس الثوري و المؤسسات العسكرية الأخرى تمهيدا لموسم الإنتخابات الرئاسية القادمة. فهو بإعطائهم نصيبا وافرا من الموازنة يطمح أن يقلل شيئا من سخطهم عليه و يهدئهم.
إعتلى حسن روحاني سدة الرئاسة بفضل حماية الإصلاحيين والشعارات الرنانة التي طرحها. كان من المقرر أن يكون مجيبا لمطالب الشعب و أن يكاشف الشعب كل مائة يوم مرة. ومن الشعارات الذهبية لحملة روحاني آنذاك، قوله:” لست جنرالا إنما أنا حقوقي”، و من شعاراته أيضا:” سياستي أن أواجه جميع العرقيات والأقليات بالحقوق المتساوية في المواطنة. و يجب أن نحقق حرية الرأي”.
و بالنظر إلى ورقة أعمال حكومة روحاني حتى هذا اليوم، واضح و معلوم بأنه لا وفق في تحقيق المساواة بين العرقيات والأقليات و لا في تحقيق حرية الرأي. ومن جهة أخرى، و قبل موسم الإنتخابات الرئاسية و حتى لا يخسر كرسي قوته و رئاسته، إضطر بأن يرشي المؤسسات العسكرية برشوة كبيرة، و ذلك لا لحماية أمن الوطن بل لإستعراض قدراتها و قوتها في سوريا و أعمال من هذا القبيل.
و الذي بقي في هذا الخلال، هو مطالب الشعب . الشعب الذي حضر لإدلاء صوته بوعود من قبل الإصلاحيين و الحملات الإنتخابية، فصوت لروحاني. ولكن مطالب الشعب لم تكن تحتوي على إرشاء المؤسسات العسكرية. أزمة المياه والجفاف كانت من مطالب الشعب الرئيسية، ثم الهواء الملوث كانت المعضلة الأخرى.
و رغم هذا، رجح روحاني أن يعطي سبعة الاف ميليار تومان للحرس الثوري بدلا من تنفيذ مطالب الشعب أو حتى في أسوأ الحالات أن يعالج أزمة المياه في محافظة بلوشستان. فالميزانية التي تعطيها الحكومة الإيرانية للحرس الثوري، ما الذي يعود منها على الشعب غير الخسارة ؟!.
لاشك و لاريب بأنه قد مر على حسن روحاني، قول الشاعر الإيراني “شاملو”، عندما قال بأن “الشعب الإيراني يملك ذاكرة تاريخية ضعيفة” . فهو يعلم بأنه من أجل ولاية ثانية يستطيع أن يجر الشعب لصناديق الإقتراع بواسطة إقامة حملات إنتخابية عاجلة ووعود من الإصلاحيين.
و من جهة أخرى، تواطؤه مع خامنئي و المؤسسات العسكرية مازالت مستمرة. فهو لايكترث للأوضاع الداخلية و نهاية طموحه أن يحسن العلاقات الخارجية . و معلوم أيضا بأنه يفضل الجلوس على كرسي الرئاسة بدلا من الإستجابة لمطالب الشعب. فحقا: لمن يستجيب السيد حسن روحاني ؟
منتهى صراعه مع التيار المقابل، كلمات يتبادلونها ليس أكثر. بينما عاقبة حرب الكلام لا يأتي بأي خير للشعب. فمع هذه التفاسير و التوضيحات و الشواهد بماذا تنفع حماية و دعم حسن روحاني  من دون المطالبة منه بتنفيذ الوعود و الشعارات و المطالب؟.
من المعلوم بأن روحاني سيأتي لولاية ثانية بنفس شعارات الولاية الأولى، ومن المعلوم أيضا بأن برنامج الإصلاحيين سيكون دعمهم لروحاني. و منتهى بعد النظر عند الإصلاحيين و المعتدليين هو عدم وجود احمدي نجاد في سدة الحكم. فعلى هذا الأساس ، فإن هذا التيار (أي الاصلاحيين و المعتدلين) لن ينتقد روحاني و لا سيسئله عن تحقيق المطالب. فسيستمر روحاني على سيرته الأولى.
محاولة رئيس حكومة التدبير و الأمل تختصر في رضاء المرشد و المؤسسات العسكرية و الأيادي القذرة و الملوثة. و ينتهى الأفق في صباح حكومة روحاني عند رؤية ” عدم وجود احمدي نجاد”. هذا فقط. فليس من المقرر أن يحدث أمر أخر. و كان الإصلاحيون يخوفون الشعب الإيراني من خطورة الحرب في عهد احمدي نجاد الذي هو كان يأخذ أمره مباشرة من المرشد الايراني، المسعر للحرب و في نظر الإصلاحيين، المفاوضات النووية وترك خطامها بيد لجنة الخمسة زائد واحد، لن تخدش استقلال الوطن وكرامته.
طالما كان منتهى الرضاء الداخلي و الخارجي لدى الاصلاحين هو أن لا يكون احمدي نجاد، فلن يكون لهم أي مطلب من روحاني، فسيدور هو على الرحى التي كان يدور عليها سابقا، مع الفارق بأن هذا الجانب من القصة سيكون نوعا ما لطيفا.
الكاتب :محمد عليجاني
المصدر: نجام    
ملاحظة: إن المقالات و الأراء المنشورة في موقع قناة كلمة الفضائية تنشر لإعلام القراء عن أراء الآخرين واتعبر بالضرورة عن رأي أصحاب الموقع 

شاهد أيضاً

القدر

فضائل ليلة القدر

مَنْزلتها: مِن نِعَم الله – سبحانه وتعالى – على هذه الأمة أنْ جعل لها مواسمَ …