طغيان الأقلية.. سياسة استعمارية ثابتة لتركيع المنطقة

أحمد ماهر العكيدي – كاتب ومدون عربي

يحسب الغرب أنه سيكون بمنأى عن أزمات طاحنه ساهم في صنعها بدعمه لأنظمة أقليات سياسيه ودينيه في العالم الإسلامي..كلا..إنه لوهم كبير. ,كان “الربيع العربي” فرصه تاريخية، لكن يأبى الغرب إلا أن يكون وفيا لإرثه الاستعماري.

في سنة 1882م وقعت مشاجرة بين مصري كان يعمل “حمّارًا” وبين مالطي من رعايا إنجلترا. والسبب خلاف على الأجرة تطور لصدام بين المصريين واليونانيين.

كانت الحادثة مدبرة بالاتفاق بين الإنجليز والمالطي والأقلية اليونانية في الإسكندرية لإحداث مذبحة لتبرير عملية الغزو الانجليزي لمصر.

دخل الانجليز واحتلوا مصر، وعُقد ما يسمى بالمؤتمر القبطي الذي طالب بما يسمى بحقوق الأقليات، وبعدها أصبح للأقلية القبطية صيت وصوت مسموع.

أعلن نابليون بونابرت أثناء إبحاره إلى الإسكندرية أنه سيجند 20 ألف من أبناء الأقليات المسيحية في مصر ليتخذ منهم مواطئ قدم لحملته الصليبية. وحين وصلت الحملة الفرنسية لمصر، بادر المعلم يعقوب بعرض خدماته عليهم، وكان مخلصا في تعاونه معهم بقدر ما كان خائنا لوطنه الذي نشأ فيه ولأهله.

يقول الجبرتي في (عجائب الآثار): كان المعلم يعقوب يجمع المال من الأهالي لمصلحة الفرنسيين، بل وصل به الأمر أن كوّن فرقة من الأقباط لمعاونتهم، كما ظاهر الفرنساوية وجعلوه ساري عسكر القبط، وجمع شبانه من القبط وحلق لحاهم وزياهم بزي مشابه لعسكر الفرنساوية وصيرهم ساري عسكره.

كان يتولى بنفسه هو ورجاله  تعذيب المجاهدين، وقاموا بحرق المجاهد (سليمان الحلبي)، وكان يتعمد إهانة علماء المسلمين ويرشد على بيوت المقاومين.

كما قام المعلم يعقوب بمرافقة الجنرال ديسيه في حملته على الصعيد، وبذل جهودا مضنية لإنجاح حملته فجهز الحملة، وشارك في العمليات الحربية.

هذا، وقد أبلي المعلم القبطي يعقوب وتقديرا لحسن بلائه، منحه الجنرال الفرنسي، سيفا تذكاريا، منقوشا عليه (معركة عين القوصية- ديسمبر 1798). فقام أتباع يعقوب (أول مليشيا) ظهرت في التاريخ بمنحه رتبة الجنرال فلقب من يومها الجنرال يعقوب ساري عسكر القبط همزا في ديسييه.

كان للمعلم يعقوب دور قذر في قمع ثورات المصريين، فتعقب الثوار وقتلهم، فمنحة كليبر رتبة كولونيل. وظل يعقوب على وفائه للفرنسيين وخيانته.

ومن المعلوم أن ورقة الأقليات واستخدامها السياسي وتأجيج روح الطائفية بالتعرض المباشر تستخدمها الأنظمة عند فشلها لتغيير وضع ما لصالحها ثم لصالح الطائفة.

وعلى الأمة أن تعي كيف ستتعامل مع ملف الأقليات بنظرة أعمق وخطاب أوضح ووسائل أنجع، مع الأخذ بعين الاعتبار ارتباط قيادات هذه الأقليات، في الغالب، بالخارج.

أمريكا تريد الخروج من المنطقة كما خرجت بريطانيا منها، بعد أن صار البقاء فيها مكلفا، لكنها لن تترك المنطقة إلا بعد أن تزرع فيها حقول ألغام.

وسيلة الأمريكيين في تركيع دول هذه المنطقة، “طغيان الأقلية”، يعاكس الوسيلة التي ضمنوا بها استقرار دولهم.

الربيع العربي كان الفرصة التاريخية الرائعة لبناء دول مستقلة قوية في جنوب وشرق المتوسط، وكان بإمكان أوروبا وأمريكا فعل الكثير لإنجاز ذلك، لكنهم تخلوا عن ثورة سوريا ولم يعترضوا علي تدخل إيران وروسيا دعماً لنظام مجرم أقلوي.

عارضت أوروبا وأمريكا إقامة مناطق آـمنه للاجئين السوريين في أرضهم، فكان السبب الأساس في أكبر موجة نازحين في التاريخ تقريباً.

وفي الوقت ذاته، دعمت أوروبا وأمريكا طموحات الأكراد الانفصالية المعادية للأغلبية السنية، كما وقفت ضد ثورة مصر وانتقالها من حكم بيروقراطي عسكري إلى مدني.

 

كان ضرب كل أنموذج متسامح مهما لتمرير هذا المخطط التآمري، فلا تقوم قائمة للأغلبية، فضُرب الإخوان الذين لا يزالون الأكثر تسامحا تجاه الأقليات، فلا تجد الأقليات أمامها إلا النماذج التي تخيفها وجمهورها، فيسهل حشدهم.

(مجلة العصر)

شاهد أيضاً

إيران تلتقط ذراع حزب الله لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

علي الأمين  كاتب لبناني م تفرُغ إيران بعد من مواجهة تداعيات التطورات الدرامية السريعة المباغتة، …