التلوث يخنق الأحواز.. وتشنج حاد بين حكومة إيران وبرلمانها

يزداد سخط شعب الأحواز من ارتفاع وتيرة الإهمال من قبل إيران لمدنهم؛ حيث يعانون من ضعف الخدمات الأساسية، لا سيما الكهرباء والماء، فضلاً عن التلوث البيئي، في حين يتهم سكان الأحواز طهران بانتهاج سياسة “التمييز العنصري” سعياً إلى إجبارهم على الرحيل لمناطق أخرى.

ووفقاً لـ”الشرق الأوسط” وجه 68 نائباً في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني، الأحد، “إنذاراً” إلى الرئيس حسن روحاني؛ بسبب ما اعتبروه إهمال الحكومة لأوضاع الأحواز، مطالبين بتشكيل خلية أزمة، وإعلان الأحواز “منطقة منكوبة” وذلك بعدما شهدت 12 مدينة نفطية جنوب غربي البلاد، 48 ساعة من انقطاع متزامن لشبكات المياه والكهرباء والاتصالات، ترك أثره على صادرات النفط.

وحذر نواب في مجلس الشورى من الاستياء الشعبي إزاء تجاهل الأوضاع في المناطق العربية، في حين أصدر كبار المسؤولين في الإقليم انتقادات إلى الحكومة الإيرانية لتجاهل أوضاع الإقليم.

وذكر بيان صادر عن نواب الشورى أنه نظراً للتململ الشعبي الواسع، فإن الحكومة مطالبة باجتماع طارئ لبحث شؤون الأحواز ذات الأغلبية العربية، جنوب غربي إيران.

وانقطعت خدمات الماء والكهرباء وشبكة الاتصالات على إثر عاصفة رملية، تزامنت مع أمطار ورطوبة عالية بنسبة 97%، بحسب تقارير حكومية.

يأتي الحادث بعد أقل من عشرة أيام تجاوزت فيها نسبة التلوث 66 مرة ضعف الحد الأدنى، في وقت يشكك السكان المحليون في الرواية الرسمية.

وأوردت مصادر رسمية نقلاً عن مسؤولين كبار أن خمس محطات رئيسية للكهرباء تأثرت بسبب كثافة الغبار، وأعلن حاكم المدينة تعطيل الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات، ووصفت تقارير وكالات الأنباء الإيرانية منطقة الأحواز بـ”المنكوبة”.

في سياق متصل، طالب البيان البرلماني الحكومة الإيرانية بتقديم اعتذار رسمي لأهالي المنطقة، كما وجه انتقادات لإدارة روحاني على ما اعتبره الاكتفاء بإصدار بيانات عن تخصيص الميزانية لمواجهة مشكلات بيئية، مطالباً الأجهزة الحكومية بالاهتمام بمعاناة تلك المناطق، في حين نفت الحكومة وجود إهمال تجاه الأزمة البيئية.

وأفادت وكالة مهر الإيرانية، نقلاً عن المدير العام في دائرة الأزمة بإقليم الأحواز، هاشم بالدي، أن نسبة التلوث العالية تسببت في تعطل الشبكات الخدمية والطاقة في تلك المناطق.

بدوره، أمر روحاني وزير الطاقة، حميد تشيت شيان، بالتوجه إلى المناطق المتضررة لترؤس خلية أزمة، وامتصاص الغضب الشعبي من الإهمال الحكومي تجاه المشكلات البيئية الآخذة بالاتساع.

وتناقلت تقارير إعلامية إيرانية معلومات عن اجتماع “متشنج” جرى بين الحكومة وكبار المسؤولين في الإقليم.

وعقب الاجتماع وعد وزير الطاقة الإيراني باتخاذ تدابير عاجلة لإنشاء محطات كهرباء جديدة؛ لمواجهة التحديات التي تشكلها عواصف الغبار.

وتعليقاً على زيارة الوزير الإيراني قال ممثل إقليم الأحواز في مجلس الشورى، جواد كاظم نسب الباجي، في تصريح لوكالة “إيسنا”، إن زيارة “تشيت شيان” “لا تعالج جرحاً من الأزمات الأخيرة التي يشهدها الإقليم”؛ وبذلك قلل من أهمية الاعتذار الذي قدمه الوزير لدى وصوله، السبت الماضي، إلى مطار الأحواز، وطالب الحكومة باتخاذ خطوات جدية بدلاً من إطلاق الوعود.

وقال الباجي إن نواب مجلس الشورى طالبوا الحكومة بعقد اجتماع استثنائي لبحث قضايا الأحواز، بما فيها “حل المشكلات البيئية، ومنع انتقال الأنهار من الروافد الرئيسية، ووقف تشييد السدود غير المهمة”، على حد تعبيره.

واتهم الباجي المسؤولين بالإهمال في معالجة تبعات العواصف التي تغزو الإقليم منذ أكثر من عشر سنوات، منتقداً وزارة الطاقة على تجاهل معاناة الأحوازيين؛ بسبب تقليص نسبة المياه في الأنهار، وتجفيف الأهوار؛ ممّا ترك تبعات كارثية على البيئة.

وتقول السلطات الإيرانية إن مصدر الغبار هو الدول العربية، لكن الناشطين في الأحواز يتهمون مشروعات الحكومة التي تستهدف تلك المناطق لنقل المياه وتجفيف الأهوار، بالوقوف وراء تدهور الوضع البيئي وآثاره على سلامة المواطنين، وهو ما شكل أرضية خصبة لتكوين عواصف الغبار، وفق الدراسات المحلية، الأمر الذي تؤكده تقارير منظمات دولية.

وخلال العقد الأخير صنفت منظمة الصحة العالمية الأحواز على قائمة المناطق الأكثر تلوثاً في العالم.

وتعد الأحواز الأولى في إيران في إنتاج الكهرباء، كما أنها تنتج أكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً من النفط الخام، وهو ما يعادل مجموع النفط الذي تصدره إيران في الوقت الحالي.

ويوجه العرب في الأحواز أصابع الاتهام إلى السلطات الإيرانية بتطبيق سياسة “تمييز عنصري”؛ تهدف إلى الإخلال بالتركيبة السكانية وإجبارهم على الهجرة إلى المناطق الأخرى.

وكانت جمعيات المجتمع المدني في الأحواز قد نظمت وقفات احتجاجية عبر سلسلة بشرية على طول نهر كارون، مطالبة السلطات بوقف مخططات نقل المياه.

ويقطن الأحواز أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة، وفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية، ويشكل العرب غالبية سكان المدينة.

وينتشر العرب في ثلاث محافظات جنوبي البلاد، وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أنهم يشكلون 7% من أصل ثمانين مليون إيراني، في حين يشكك العرب في الإحصائيات متهمين السلطات بالتلاعب بالإحصائيات الدقيقة.

من جهته، أوضح ممثل الأحواز في مجلس خبراء القيادة، عباس الكعبي، في تصريحات صحفية، الأحد، تفاصيل الإهمال الحكومي للمناطق العربية.

ونقلت وكالات أنباء رسمية عن الكعبي قوله: “لم تبلغ المدينة الوضع الحالي السيئ حتى في حرب الخليج الأولى (بين عامي 1980 و1988 حيث كانت مسرحاً للحرب الطاحنة بين إيران والعراق)”.

واتهم الكعبي مسؤولين “لا يقدرون الشعب ولا يهتمون بمطالبه” بـ”الخيانة”، مضيفاً: إن “انقطاع شبكات الطاقة لساعات طويلة يظهر أن البنية التحتية في الإقليم تعاني من مشكلات جدية؛ لأن أكثر من 90% من مناطق المحافظة واجهت انقطاع الكهرباء”.

شاهد أيضاً

إعلان معارضة المواطنين البلوش للمشاركة في الانتخابات

بعد أن قاطع علماء السنة في سيستان وبلوشستان المشاركة في الانتخابات الرئاسية، أعلن المواطنون البلوش …