المبادرة بعد القرار الجمهوري المصري بمنح حاكم الشارقة العضوية الفخرية بمجلس اللغة العربية ـ أرشيفية

«مجمع اللغة العربية بالشارقة».. رافد جديد لإحياء لغة «الضاد»

ماتزال أصداء قرار الشيخ الدكتور «سلطان بن محمد القاسمي»، عضو المجلس الأعلى لحكام الإمارات، حاكم الشارقة عبر المرسوم الأميري رقم (96) لسنة 2016م بشأن إنشاء وتنظيم «مجمع اللغة العربية في إمارة الشارقة»، تثير ردود فعل إيجابية.

ونص المرسوم، الصادر بعد منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي على أن يُنشأ في الإمارة مجمع للغة العربية يسمى «مجمع اللغة العربية بالشارقة»، على أن يتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة وبالأهلية القانونية اللازمة لتحقيق أغراضه، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية «وام».

ويجوز بقرار من صاحب السمو حاكم الشارقة إنشاء فروع للمجمع خارج الشارقة.

جاءت المبادرة بعد إصدار الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» قراراً جمهورياً بمنح الشيخ «سلطان بن محمد القاسمي» العضوية الفخرية في مجلس اللغة العربية، والتي تعد الأولى من نوعها في هذا المجمع، تكريماً لدوره الفاعل في محاولة حماية اللغة العربية، وفق الخليج الجديد.

مناسبة سعيدة وقاموس تاريخي

وقال الشيخ «سلطان القاسمي» في كلمة احتفالية عقب القرار مباشرة: «إنها لمناسبة سعيدة أن يكون فيها إصدار المرسوم الأميري بإنشاء مجمع اللغة العربية في الشارقة، ولن يكون هذا المجمع فاعلاً بنفسه، نظراً لما يحيط بنا من تغريب في مختلف المجالات، فهذا المجمع سيكون عوناً للمجامع الأخرى في جميع أقطار البلدان العربية، وحتى خارج الأوطان العربية، وكذلك إلى جانب هذا الواجب الملقى على عاتقنا بإنشاء مجمع للغة العربية، فقد تكفلنا بإصدار القاموس التاريخي، حيث إن هذا المشروع يحتاج جهداً مكثفاً، فكرياً ولغوياً ومادياً، والآخرون ليس لديهم الإمكانات التي تقدرهم من القيام بذلك، فعند انضمامي مؤخراً، لعضوية مجمع اللغة العربية في القاهرة، أعلنت عن مسؤوليتي في إصدار هذا القاموس التاريخي».

وأضاف حاكم الشارقة: «لعل أحدكم يتساءل ما الذي أعنيه بالقاموس التاريخي؟ فهو قاموس نجمع من خلاله المادة اللغوية، ويحتاج لحشد من المفكرين والباحثين والعلماء، باللغة، وبتاريخ الكلمة، وكيف تكونت، وسيعتمدون في ذلك على القرآن الكريم والأحاديث النبوية، والشعر العربي القديم، إلى جانب اللغات السامية».

وأردف قائلاً: «اللغة بالنسبة إلي أنا كما قال القائل: إذا استعبدت أمة ففي يدها مفتاح حبسها بارتباطها بلغتها، فنحن الآن ينطبق علينا قول هذا القائل، فطريق تحريرنا من هذا الحبس ارتباطنا بلغتنا، وما أسهل ذلك، ولن نكون بحاجة لأي كان، ونحن لسنا بحاجة إلى معركة، ولا سلاح، إنما نحتاج إلى فكر عميق صادق مؤمن بهذه اللغة التي هي لغة جبريل عليه السلام، ولغة القرآن الكريم، ولذلك أكرمنا الله تعالى بهذا العقل، وهذا الدين، وكذلك أكرمنا بهذه اللغة التي ما إن أردنا جمع كل لغات العالم لا تأتي بقدر حرف واحد من حروفها»، بحسب «الخليج» الإماراتية.

المُدونة ومشاركة فعالة

وفي حوار له مع جريدة «الحياة» اللندنية في 7 من يناير/كانون الثاني الجاري، قال رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة الدكتور «حسن الشافعي» عن مشروع هائل من مشروعات المجمع في مختلف الأقطار، وهو المُسمى بـ«المدونة» هو «مشروع طموح، يضم حتى الآن مليوني كلمة؛ هدفه أن يوفر مادة لغوية للعاملين في مجال اللغة، فهو أشبه بمادة خام تضم كل ما نطق به العرب من كلام، شعراً أو نثراً أو حكمة أو ديناً أو ضد الدين، في الأخلاق الحسنة أو الرديئة من الناحية اللغوية… كل ما نطق به الفم العربي. هذا هو هدف المدونة، لكنه هدف ضخم ويحتاج إلى أجيال».

وأضاف رئيس مجمع اللغة العربية في القاهرة حول تنسيق المشروع مشيداً بدور حاكم الشارقة: «نحن ننتفع بما تمّ وننسق العمل، لأن هناك أقطاراً عربية عدة تعمل في هذا المجال، والتنسيق مطلوب، وليس من الضروري أن يستقل مجمع القاهرة بمعجم الشعر أو المعجم الكبير، فهذه مهمة ثقيلة وليست سهلة، ولكن يقوم مجمع القاهرة بالتنسيق باعتباره الحاضن لاتحاد المجامع، وإن كانت له الآن دار كبيرة تكفَّل بإنشائها حاكم الشارقة، وهي الآن جاهزة لتُملأ بالمصادر العلمية والأجهزة اللغوية، وبدأنا بالحواسيب اللازمة ولكن يلزمنا مكتبة إلكترونية، ومكتبة ورقية، ومجموعة من الخبراء، لأن العمل كما رأينا يبدأ ببحوث الخبراء ثم ينتهي إلى أعضاء المجمع الذين ينقحون ويحاولون تصفية هذه المادة ثم تُطبَع بعد ذلك ويُدفَع بها إلى النشر».

بارقة أمل للعربية

ومن جانبه قال الكاتب الإماراتي «محمد عبدالله البريكي» في مقال للرأي بعنوان  «بارقة أمل للعربية» في الجريدة المذكورة سابقاً، اليوم الاثنين، «تمتلك اللغة العربية طاقتها الإبداعية التي تجعلها قادرة على البقاء وسط اللغات الحية في العالم، وعلى الرغم من تقادم الزمن والسنين وتبدل أشكال اللغات، وشهرة بعضها واتخاذ الكثير من دول العالم بعض اللغات كوسيلة للتعامل عبر اللهجة المحكية أو المراسلات أو في الصياغة العلمية، وما إلى ذلك من حضور قوي شكلته الحضارة ببواعثها التاريخية، فإني أحسب أن الله قيض للغة الضاد من يحميها من عبث العابثين ومن يحاولون التقليل من شأن مفرداتها الثرية ويتجاهل الحديث بها من أبناء العربية أنفسهم، فضلاً عن هؤلاء الذين يحاولون تضليل الأجيال الجديدة ويتشدقون بأن جذورها قليلة، وهي اللغة التي تمثل جمال اللفظ وحيوية المعنى».

وقال «البريكي» عن مبادرة حاكم إمارة الشارقة: «والمبادرة تحمل الخير الكثير للأمة العربية وباحثيها والمهتمين بلغة الضاد، فهي تتيح الفرص لكل الذين لديهم جهود علمية، كما أنها ستغذي المجامع العربية بحثاً بما ستتمخض عنه، خصوصاً أن مجمع الشارقة يعد ذخراً لكل المجامع العربية في هذه اللحظة الدقيقة من عمر الزمن، وهو حلم طالما تمناه كل غيور على العربية».

وعن إطلاق مشروع «المعجم التاريخي للغة العربية» قال الكاتب الإماراتي: «في عام 2006 قرر اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية إنشاء مؤسسة مستقلة تتفرغ لتأليف المعجم التاريخي للغة العربية، وبالفعل يوجد اليوم مشروع هيئة المعجم التاريخي للغة العربية في القاهرة، وهذه الهيئة أنشأها اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية، الذي يضم جميع المجامع في العالم العربي، فضلاً عن مقر هيئة المعجم في القاهرة، وكانت آخر المحاولات في الدوحة، حيث أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في 25 مايو/‏‏أيار 2013، عن إطلاق مشروع معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وهاهو الأمل يشرق من خلال تكفل صاحب السمو حاكم الشارقة، بكل ما تحتاجه المجامع العربية، ومن ثمّ تمويل إصدار القاموس اللغوي التاريخي».

أهداف مجمع الشارقة

ويسعى المجمع إلى تحقيق الأهداف الآتية  التي حددها مرسوم إنشاؤوه:

– الحفاظ على سلامة اللغة العربية وجعلها مواكبة لمتطلبات العلوم والآداب والفنون وملائمة لمدركات الحياة الإنسانية المتجددة.

– إحياء التراث العربي والإسلامي والعمل على توثيقه.

– تشجيع التأليف والتعريب والترجمة والنشر.

– توثيق الصلات بالمجامع اللغوية والعلمية عربيا وإسلاميًا.

– القيام بالدراسات العلمية للهجات العربية قديمها وحديثها.

– النهوض باللغة العربية والعمل على تعزيزها لتكون دائما ضمن اللغات الأساسية على مستوى العالم.

وبناء على مواد المرسوم يمارسها المجمع في سبيل تحقيق أهدافه:

ـ إصدار المعاجم اللغوية ومعاجم اللهجات والموسوعات العلمية.

ـ إجراء الدراسات والبحوث المتعلقة باللغة العربية والإشراف عليها ونشرها.

ـ دراسة المصطلحات العلمية والأدبية والفنية والألفاظ الحضارية والعمل على توحيدها.

ـ إصدار المنشورات اللغوية ومجلة محكمة في العلوم الإنسانية.

ـ تحقيق المخطوطات والوثائق والنصوص ونشر المصطلحات الجديدة التي يتم توحيدها في اللغة العربية.

ـ بحث ودراسة كل ما من شأنه أن يرتقي باللغة العربية.

ـ أي اختصاصات أخرى يكلف بها المجمع من قبل الحاكم.

شروط العضوية في المجمع الجديد

ونص المرسوم الأميري رقم (96) لسنة 2016م لحاكم الشارقة الشيخ «سلطان بن محمد القاسمي» على أن تكون العضوية في المجمع على نوعين عاملة وشرفية وفقًا للشروط والضوابط الآتية:

-العضوية العاملة: يُشترط في حاملها أن يكون متخصصًا في اللغة العربية، وعلى دراية عالية وإلمام تام بقواعدها، وله إنتاج علمي في اللغات والعلوم الإنسانية، وتمنح العضوية العاملة بقرار من المجلس بناء على طلب من ذوي الشأن بعد تحقق شرط اكتسابها، وتكون مدة العضوية ثلاث سنوات يجوز تمديدها لمدة أو مدد مماثلة بناء على رغبة حاملها.

ـ العضوية الشرفية: يشترط في حاملها أن يكون من أصحاب المبادرات والخدمات الجليلة التي أسهمت في حماية اللغة العربية والتعريف بعلومها وقواعدها وتمنح العضوية الشرفية بصفة دائمة بقرار من المجلس لمن تتوافر فيه شروط اكتسابها.

شاهد أيضاً

رابطة القلم الامريكية ادانت اعتقال مغني الراب الايراني، وفادار

أدانت رابطة القلم الأمريكية بشدة الاعتقال التعسفي لمغنية الراب الإيراني “وفا احمدبور” المعروف باسم “وفادار”، …